رغم الجهود المكثفة لتحسين أداء القضاة وتطوير منظومة العدالة في المغرب، لا تزال تحديات كبيرة تواجه هذا القطاع، إذ أشار تقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى أن أكثر من 713 ألف قضية ظلت عالقة حتى نهاية سنة 2023. هذه الوضعية تستدعي، وفق المجلس، اتخاذ تدابير تشريعية وتنظيمية عاجلة للوصول إلى مستويات مقبولة.
الحاجة إلى مقاربة شاملة
أظهرت التحليلات أن الجهود المبذولة لتيسير عمل منظومة العدالة تتطلب تبني مقاربة شاملة. فبالإضافة إلى الحاجة الملحة لتعزيز أعداد القضاة والمساعدين القضائيين، يُعتبر إدخال الرقمنة أحد الحلول الواعدة التي يمكن أن تحدث فارقًا كبيرًا في تحسين أداء المنظومة.
الرقمنة كحل محوري
يتجلى الحل الأمثل في اعتماد نظام رقمي متكامل يسمح بمعالجة الملفات القضائية عبر الإنترنت وإدارة الجلسات عن بُعد، إلى جانب إشعار الأطراف المعنية إلكترونيًا. مثل هذا النظام لن يسهم فقط في تقليص عدد القضايا العالقة، بل سيعمل أيضًا على تحسين كفاءة العملية القضائية وسرعة البت في الملفات.
إصلاحات تشريعية مرافقة
لا يمكن تحقيق تحول رقمي فعال دون إجراء إصلاحات تشريعية تواكب هذا التغيير. فمن الضروري تقليص عدد القضايا الثانوية التي تُعرض على المحاكم، خصوصًا تلك التي يمكن معالجتها بطرق بديلة خارج المسار القضائي التقليدي. هذا الإجراء سيوفر للقضاة وقتًا أكبر للتركيز على القضايا الأكثر أهمية، مما سينعكس إيجابًا على معدلات إصدار الأحكام وجودتها.
تعزيز صحة القضاة وإنتاجيتهم
إلى جانب تحسين كفاءة النظام، فإن تخفيف العبء على القضاة سيعزز من صحتهم النفسية والجسدية. هذه الخطوة ستجعلهم أكثر إنتاجية وتحفيزًا، مما سينعكس بشكل مباشر على تحسين جودة العمل القضائي وتعزيز ثقة المواطنين في منظومة العدالة.
يواجه قطاع العدالة في المغرب تحديات كبيرة تتطلب تدخلًا شاملًا ومتكاملًا. بين تعزيز الموارد البشرية وإدخال الرقمنة وإصلاح التشريعات، يمكن وضع الأسس لنظام قضائي أكثر فعالية وسرعة. تحقيق هذه الأهداف سيعود بالنفع على الجميع، وسيعزز من سيادة القانون وثقة المواطنين في المؤسسات القضائية.
A.Boutbaoucht