كشفت عمليات مراقبة روتينية قامت بها اللجنة الإقليمية للاستثمار بعمالة إنزكان آيت ملول عن “خروقات” مقلقة تهدد جدوى الاستثمار بالمنطقة الصناعية “تاسيلا” الواقعة في نفوذ الجماعة الترابية الدشيرة الجهادية. وتهم هذه الخروقات بشكل أساسي عدم التزام المستفيدين بإنجاز مشاريعهم الاستثمارية على البقع الأرضية التي فوتتها الدولة بأثمنة تفضيلية، وذلك رغم تجاوز المدة الزمنية المحددة في الاتفاقيات بسنوات طويلة، والتي لا تتعدى سنتين تحت طائلة فسخ العقود.
وقد وقفت اللجنة على إخلال العديد من المستفيدين ببنود العقود المبرمة، وخاصة الهدف الأساسي من إحداث المنطقة الصناعية، والمتمثل في “خلق وحدات صناعية لتوفير مناصب شغل إضافية وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد المحلي والمساهمة في التنمية الاقتصادية”.
وتكشف وثائق اطلعت عليها الجريدة عن نموذج صارخ لهذه الخروقات، حيث تم كراء وعاء عقاري بالمنطقة الصناعية، في حين تشير وثائق المحافظة العقارية إلى أن هذا العقار لا يزال مسجلًا باسم المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء الجنوب (التابعة للدولة) حتى سنة 2024. والغريب في الأمر أن المستفيد أبرم عقد بيع غير نهائي مع هذه المؤسسة منذ أبريل 2005، إلا أن هذا العقد لم يتم تقييده في السجل العقاري للعقار.
وتشير شكاية مرفوعة إلى عامل إقليم إنزكان آيت ملول إلى أن عقد البيع يتضمن بندًا صريحًا يمنع تفويت أو كراء أو قسمة أو رهن العقار إلا بعد تنفيذ بنود كناش التحملات والحصول على إبراء نهائي من المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء. ورغم ذلك، تم كراء العقار والاستمرار في استخلاص سومته الكرائية، بالإضافة إلى إحداث بنايات عليه دون الحصول على التراخيص اللازمة.
وتتهم الشكاية بـ”التواطؤ والتزوير” بعد استخراج شهادة ملكية باسم مستفيدين في سنة 2019، في حين أن العقار كان لا يزال مسجلًا باسم المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء، دون تسوية وضعيته القانونية. وطالبت الشكاية بفتح تحقيق إداري وقانوني لكشف ملابسات انتقال ملكية العقار، خاصة وأن العقد مع المؤسسة كان ينص على فسخه في حال عدم تنفيذ المشروع في المهلة المحددة. كما دعت إلى إلزام المؤسسة بتوضيح موقفها القانوني تجاه العقار وعدم فسخ العقد رغم الإخلال بشروطه.
هذه الخروقات الخطيرة تثير تساؤلات جدية حول آليات تتبع المشاريع الاستثمارية ومدى جدية المستفيدين في الوفاء بالتزاماتهم. كما أنها تقوض الجهود الرامية إلى جعل المنطقة الصناعية “تاسيلا” قطبًا اقتصاديًا فعالًا يساهم في التنمية المحلية وتوفير فرص الشغل. ومن المنتظر أن تتخذ السلطات الإقليمية إجراءات حازمة لتصحيح هذه الأوضاع وضمان استغلال الأمثل للعقار العمومي وتحقيق الأهداف المنشودة من إحداث هذه المنطقة الصناعية.