مركز واد سوس للفرصة الثانية: نموذج رائد في إعادة إدماج الشباب المنقطع عن الدراسة

يواجه المغرب تحديًا كبيرًا يتمثل في ارتفاع معدلات الهدر المدرسي، حيث يُغادر سنوياً أعداد كبيرة من الشباب والشابات مقاعد الدراسة دون الحصول على مؤهلات. وفي إطار الجهود المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة، تبرز مبادرة “مدارس الفرصة الثانية” كحل واعد، خاصة مع النموذج الملهم الذي يقدمه مركز واد سوس للفرصة الثانية الجيل الجديد.

يُعد مركز واد سوس للفرصة الثانية الجيل الجديد، الذي انطلقت منه القافلة المجتمعية المؤثرة تحت شعار “مهما كانت الظروف ما نفرطشي في قرايتي”، تجسيدًا حقيقيًا لالتزام المغرب بتفعيل القانون الإطار المتعلق بإلزامية التمدرس وتقليص نسب الهدر المدرسي. هذا المركز لا يمثل مجرد فضاء لاستقبال الشباب المنقطع عن الدراسة، بل هو نقطة انطلاق نحو فرصة ثانية حقيقية تمنحهم الأمل في مستقبل أفضل.

تتجلى أهمية مركز واد سوس في كونه جزءًا من شبكة وطنية من هذه المراكز التي تعتمد مقاربة مبتكرة لإعادة إدماج الشباب. فبدلاً من الاكتفاء بالتعليم التقليدي، يركز المركز على تقديم برامج متكاملة تجمع بين التأهيل الدراسي، وتعزيز المهارات الحياتية، والتكوين المهني المصاحب باكتشاف سوق الشغل وعالم المقاولة. والأهم من ذلك، يولي المركز اهتمامًا خاصًا بالدعم النفسي الضروري لمساعدة هؤلاء الشباب على استعادة ثقتهم بأنفسهم وبالفرص المتاحة لهم.

إن اختيار مركز الفرصة الثانية الجيل الجديد بواد سوس كنقطة انطلاق لقافلة “من الطفل إلى الطفل” لم يكن عشوائيًا. فهذه المبادرة النوعية، التي تعتمد على تأثير الأقران في تشجيع بعضهم البعض على مواصلة التعليم، تعكس الدور الحيوي الذي تلعبه هذه المراكز في استيعاب الشباب المنقطع وتقديم نماذج إيجابية وملهمة. فشعار الحملة القوي “مهما كانت الظروف ما نفرطشي في قرايتي” يتردد صداه بقوة لدى الشباب المستهدف، خاصة عندما ينطلق من مركز يمثل بالفعل فرصة ثانية لهم ولغيرهم.

يُعتبر مركز واد سوس نافذة لتمكين الشباب وإكسابهم مهارات القرن الحادي والعشرين الضرورية لمواكبة التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي. وباعتباره جزءًا من الجيل الجديد من مدارس الفرصة الثانية، يعتمد المركز نظامًا دراسيًا مرنًا ومنصفًا وعادلاً، يراعي احتياجات كل شاب وشابة على حدة.

إن الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة التربية الوطنية، والتي تجسدها مبادرات مثل مركز واد سوس، تهدف إلى تأمين التمدرس الاستدراكي للجميع وتمكين المتعلمين من بناء مشاريعهم الشخصية للاندماج. وتتطلع الوزارة من خلال هذه المراكز إلى تحقيق مؤشرات طموحة في أفق 2030، تشمل فتح المزيد من المراكز وتسجيل أعداد متزايدة من التلاميذ والعمل على إدماجهم في التعليم النظامي أو التكوين المهني أو سوق الشغل.

إن تطوير نموذج الفرصة الثانية – الجيل الجديد، كما هو ملموس في مركز واد سوس، يتطلب الارتقاء بتقاسم التجارب وتعزيز قدرات الجمعيات الشريكة في مجالات الترافع والتأهيل وتطوير الشراكات مع الفاعلين الاقتصاديين والمهنيين لتوفير الدعم المالي والتقني وفرص التدريب والإدماج.

يمثل مركز فرصة ثانية واد سوس بارقة أمل للشباب المنقطع عن الدراسة في جهة سوس ماسة والمغرب عمومًا. إنه نموذج حيوي يجسد الإيمان بإمكانية منح فرصة ثانية للشباب للمساهمة الفعالة في تنمية وطنهم. ومع ذلك، يظل تحقيق الأهداف المنشودة مرهونًا بتوسيع نطاق هذه المبادرات ودعمها المستمر من قبل جميع الفاعلين، لضمان عدم تفويت أي فرصة لإنقاذ مستقبل شبابنا.

A.Boutbaoucht

الأخبار ذات الصلة

المزيد من الأخبار جار التحميل...لا يوجد المزيد من الأخبار

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *