يمثل سلكا الماستر والدكتوراه قمة الهرم التعليمي الجامعي، ويسعى العديد من الطلاب الباحثين بشغف للالتحاق بهما.
في جامعة ابن زهر، وتحديدًا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، يتبع طلاب ماستر “المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية” مسارًا أكاديميًا محددًا بضوابط صارمة، تبدأ بتقديم الطلبات عبر المنصات المعتمدة، مرورًا بسلسلة من الإجراءات الإدارية والتنظيمية، وصولًا إلى مسار تكويني متكامل ينتهي بتقديم الرسائل والأطروحات.
رحلة التحصيل: شروط وضوابط
يلتزم جميع الطلاب الباحثين في سلكي الماستر والدكتوراه باستيفاء الشروط المحددة، والتي تتضمن اجتياز الامتحانات في جميع الفصول الدراسية حضوريًا. كما تتاح لهم خيارات تلقي الدروس حضوريًا أو عن بُعد، وهو ما يتم تفعيله حتى في حالات استثنائية مثل الطلاب الباحثين السجناء، حرصًا على ضمان استمرارية تحصيلهم العلمي. تُناقش رسائل الماستر وأطروحات الدكتوراه أمام لجان وهيئات متخصصة، وفقًا للمعايير المعمول بها في جميع الجامعات المغربية.
يُطرح التساؤل حول مدى استيفاء جميع الطلاب الباحثين للشروط المعلن عنها من قبل العمادة، كجهاز إداري جامعي، بالتعاون مع الشعبة المختصة ومختبر البحث العلمي. وهل تم اجتياز الامتحانات وتقديم الرسائل والأطروحات ومناقشتها وفق الأصول المعمول بها؟ الإجابة عن هذا الشق، فيما يخص الطلاب الباحثين الذين اتبعوا المسار الصحيح، هي نعم.
دوافع التحصيل: أبعد من مجرد شهادة
ما ذنب هؤلاء الطلاب الباحثين الذين يسعون بجد وإخلاص لتحصيل العلم؟ الكثير منهم لا ينشد الشهادة كغاية في حد ذاتها، بل يرغب في استكمال مساره الأكاديمي وتطوير معارفه. قد يكون بينهم من يعملون في مهن حرة، أو أولئك الذين يقتربون من سن التقاعد، يجدون في الدراسة فرصة لإثراء حياتهم العلمية. كما أن انتماء بعض الطلاب لعائلات معروفة أو قدومهم من أقاليم معينة، أو حتى انخراطهم في مؤسسات عمومية لا تعتمد الشواهد الجامعية كمعيار للترقي، لا ينبغي أن يكون مدعاة للتشكيك في استحقاقهم. بل إن بعض المؤسسات العمومية تُبرم اتفاقيات مع الجامعات لإدماج أطرها في برامج الماستر بهدف الارتقاء بمستواهم العلمي وتحسين جودة أدائهم.
كرامة الطالب الباحث: خط أحمر
إن الطالب الباحث المغربي لا يرضى المهانة أو الذل. قد يكون أحيانًا ضحية، كما حدث في قضايا سابقة شهدتها المحاكم. اليوم، قد يجد نفسه ضحية لحملات التشهير والإساءة التي تُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي، والتي تمس بكرامته وشرفه، وتصل أحيانًا إلى حد التنكيل به وبعائلته. بل وصل الأمر إلى المس بشرف وعفة الطالبات الباحثات، بادعاءات كاذبة حول قيامهن بحذف صور مناقشة أطروحاتهن.
لذا، من الضروري أن يتكاتف جميع المتدخلين لحماية الطالب الباحث الجاد والمجتهد ودعمه، والوقوف إلى جانبه لصد أي تشويش على مساره الأكاديمي. يجب أن يُعزز هذا الدعم بمواقف نبيلة تُعلي من شأن المنظومة التعليمية، وتلتزم بالصمت عند الجهل بحقائق الوقائع، وهو أقل ما تقتضيه خصال الإيمان والأخلاق.
دور الجامعة والإعلام والقضاء: نحو الإنصاف
تبقى الجامعة والكلية، في مثل هذه الحالات، الجهات المعنية بالتدخل أولاً، مدعومة بإعلام حر ونزيه يُسهم في إبراز الحقيقة. وفي نهاية المطاف، تظل الكلمة الفصل للقضاء المغربي النزيه والمستقل، الذي بيده إنصاف المظلومين وإعلاء كلمة الحق.
إن الحفاظ على كرامة الطلاب الباحثين وضمان نزاهة مسارهم الأكاديمي هو مسؤولية جماعية، تُسهم في بناء جيل قادر على الإبداع والابتكار في خدمة الوطن.
A.Boutbaoucht