تعاني تزنيت وإنزكان ومعها أغلب مدن سوس من فراغ مؤسساتي كبير في ما يخص التكفل بالحالات النفسية والعقلية، حيث تعاني كل من مصلحة الطب النفسي بمستشفى الحسن الأول بتزنيت والمستشفى الإقليمي بإنزكان من ضغط واكتضاض مزمن بسبب ضعف القدرة الإستيعابية بالمصلحتين الوحيديتن بالجهـة، في وقت تشهد فيه الشوارع والأماكن العامة بمدن سوس انتشارًا لافتًا لأشخاص في وضعيات اضطراب نفسي حاد، يُشكّلون خطرًا محتملًا على أنفسهم وعلى محيطهم.
انتشار يثير القلق:
لا يكاد يمر يوم اسبوع دون أن يلاحظ المارة وجود وجوه جديدة بالشوارع تعاني من أمراض عقلية يتجولون دون رعاية أو توجيه، بعضهم يعيش في حالة تشرد تام، وآخرون يبدون سلوكًا عدوانيًا ضد المارة، مما يثير مخاوف السكان، خاصة بالقرب من المدارس، والأسواق، ومحطات النقل.
وقد سُجلت في الأسابيع الماضية حوادث متفرقة لمحاولات اعتداء أو تهديد لفظي وجسدي من قبل مرضى نفسيين، واعتداءات ضد الأصول أبرزها اعتدءا مختل عقلي في ثاني أيام عيد الأضحى على والدته وفقأ عينها بنواحي سيدي إفني، مما يدعوا الى تدخل سريع لمحاصرة الظاهرة بمقاربات متداخلة وفورية .
وحسب مصادر طبية محلية تحدثت للتحدي24 فإن ” مستشفيات الجهة تفتقر إلى مصالح كافية ومتخصصة في الطب النفسي، نظرا لكون الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الحالية لا تكفي للتكفل بالحالات المستعجلة أو المزمنة ،
وغالبًا ما يُضطر المواطنون إلى نقل ذويهم نحو مستشفيات أخرى بمراكش أو الدار البيضاء، في مشهد يعكس حجم المعاناة مع قلة الإمكانيات “.
التفكير في حلول مستعجلة وآنيـة :
يطالب عدد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين بالشأن الصحي بـالجهة بإحداث مراكز جهوية متخصصة في الطب النفسي وتوفير فرق تدخل ميداني لرصد الحالات الصعبة وإيوائها، مع إشراك الجماعات المحلية والسلطات في تبني مقاربة استباقية للظاهرة.
ودعت نفس الأصوات المحلية إلى ضرورة إطلاق حملات وطنية وجهوية للتوعية بأهمية الصحة النفسية، وإزالة الوصمة المرتبطة بها، مؤكدين أن المريض النفسي ليس خطرًا بطبعه، بل نتيجة لغياب العلاج والدعم المناسبين.
ويبقى استمرار هذا الوضع تهديدًا صامتًا للأمن الصحي والاجتماعي، في ظل غياب استراتيجية واضحة للتكفل بالأشخاص المصابين باضطرابات عقلية ونفسية.
وفي وقت يُراهن فيه المغرب على إصلاح المنظومة الصحية، يأمل المواطنون أن تشمل هذه الإصلاحات دعمًا جادًا لهذا الملف الحساس، الذي أصبح يؤرق الجميع.