في بادرة محمودة تعكس إرادة واضحة في ترسيخ ثقافة الإنصات والتفاعل مع نبض المجتمع، احتضنت دائرة آيت باها لقاءً تشاورياً دعا إليه السيد عامل إقليم اشتوكة آيت باها، وجمع مختلف مكونات المجتمع المدني بالمنطقة، من جمعيات تربوية وتنموية، وهيئات آباء وأولياء التلاميذ.
وقد شكل اللقاء، الذي نُظم في أجواء يطبعها المسؤولية والانفتاح، فرصة ثمينة أمام الفاعلين المدنيين لطرح انشغالات الساكنة وتطلعاتها، خاصة في القضايا ذات الأولوية كالتعليم، النقل المدرسي، الصحة، الماء الصالح للشرب، والبنية التحتية القروية.
وفي هذا السياق، عبر رئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء تلاميذ الثانوية الإعدادية الفارابي عن إشادته بهذه المبادرة النوعية التي تُعيد الثقة بين المواطن والمؤسسة، وتؤسس لتدبير تشاركي فعال لقضايا الشأن المحلي.
التعليم في صلب الاهتمام: نحو إنصاف تربوي واجتماعي
أكد ممثلو الجمعيات المشاركة، وفي مقدمتهم جمعية الثانوية الإعدادية الفارابي، على التقدير الكبير للمجهودات التي تبذلها المديرية الإقليمية للتعليم والسلطات المحلية والجمعيات الشريكة، لا سيما في دعم النقل المدرسي، الذي يُعد رافعة حقيقية لمحاربة الهدر المدرسي في الوسط القروي.
كما تم التأكيد على ضرورة تعميم المدارس التجميعية في روافد الثانوية الإعدادية الفارابي، كحل ناجع لتقليص الفوارق بين التلاميذ الذين استفادوا من التعليم الأولي وأولئك الذين تابعوا دراستهم في أقسام متعددة المستويات، وهي فوارق تنعكس سلباً على التحصيل الدراسي في المرحلة الإعدادية، وتثقل كاهل الأسر بمساهمات مالية تصل إلى 3000 درهم سنوياً في ظروف اقتصادية صعبة.
مطلب فصل داخلية الفارابي وبناء مطعم مدرسي
جدد الحاضرون مطلبهم بفصل داخلية الثانوية الإعدادية الفارابي عن الثانوية التأهيلية آيت باها، والعمل على توفير مطعم مدرسي خاص بها، مما سيساهم في تعزيز الاستقلالية الإدارية للمؤسسة، وتحسين جودة خدمات الإيواء والإطعام لفائدة التلاميذ والتلميذات المنحدرين من المناطق الجبلية والنائية.
عدالة مجالية في خدمات الماء والكهرباء
كما تم التطرق إلى إشكالية الكهربة القروية، حيث طالب المشاركون بإلغاء مساهمة ساكنة دائرة آيت باها في برنامج الكهربة الشاملة، والتي تصل إلى 2600 درهم، دون احتساب مصاريف العداد والربط، وهو ما يفوق بكثير مساهمات الساكنة الحضرية (حوالي 1100 درهم)، في مشهد يعكس غياب العدالة المجالية ويثقل كاهل الأسر القروية.
أما بخصوص تسعيرة الماء الصالح للشرب، فقد تم التنبيه إلى الارتفاع غير المبرر الذي تفرضه بعض الجماعات والجمعيات، في غياب الرقابة والتقنين، مما ينعكس سلباً على القدرة الشرائية للسكان، ويفتح الباب أمام مطالب بتدخل الجهات الوصية لضبط الأسعار وضمان العدالة في التوزيع والخدمة.
إشادة بالمبادرة وتطلع إلى التفاعل الفعلي
وأجمع ممثلو المجتمع المدني على الإشادة بمبادرة عامل الإقليم، التي وصفوها بـ”النموذجية” و”المسؤولة”، لما تتيحه من فضاء مؤسساتي للحوار الجاد والمسؤول، مشددين على أن مثل هذه اللقاءات تعزز من منسوب الثقة وتضع الأساس لسياسات عمومية أكثر نجاعة وواقعية.
واختتم اللقاء بتعبير المشاركين عن أملهم في أن تجد مداخلاتهم ومقترحاتهم صدى فعلياً لدى السلطات المعنية، وأن تُترجم هذه الدينامية التواصلية إلى قرارات عملية، تُمكن من رفع تحديات التنمية القروية، وتجعل من المدرسة رافعة حقيقية للارتقاء الاجتماعي، ومن الخدمات الأساسية مدخلاً لتعزيز الانتماء وتحقيق الكرامة للمواطن في ربوع إقليم اشتوكة آيت باها.
A.Boutbaoucht