الديون والنفقات الإجبارية تفجر أول أزمة مالية بالمجلس الإقليمي لتارودانت

شهد إقليم تارودانت، على غرار عدد من الجماعات الترابية الأخرى، تطوراً لافتاً في المسار المعتاد للمصادقة على الميزانية السنوية، وذلك بعد أن قرر عامل الإقليم رفض التأشير على مشروع ميزانية المجلس الإقليمي برسم سنة 2026. هذا القرار، الذي يستند إلى القانون التنظيمي، يُسلط الضوء مجدداً على ضرورة احترام القواعد المالية والميزانية المُنظمة لعمل الجماعات الترابية.

 عدم التوازن وغياب النفقات الإجبارية سبب الرفض
علمنا من مصادر مطلعة أن قرار عامل إقليم تارودانت جاء بسبب “عدم توازن الميزانية”، بالإضافة إلى نقطة محورية أخرى تتعلق بـ”عدم إدراج سداد أصل القرض الممنوح من طرف صندوق التجهيز الجماعي” ضمن نفقات الميزانية.

واستند عامل تارودانت في قراره على مقتضيات المادة 180 من القانون التنظيمي رقم 14-112 المتعلق بالعمالات والأقاليم. وتُعتبر نفقات سداد الديون والقروض نفقات إجبارية لا يجوز إغفالها أو التغاضي عنها، مما يُخل بمبدأ صدقية تقديرات النفقات وتوازن الميزانية، وهو ما تراقبه السلطة الوصية ممثلة في العامل.

 الإجراء القانوني والمادة 182 كخارطة طريق
جاء قرار العامل متماشياً مع صلاحياته التي يمنحها إياه القانون التنظيمي، خاصة المادتين 189 و 191 من القانون المتعلق بالجماعات، والمواد المقابلة لها في قانون العمالات والأقاليم (180 وما يتبعها). وتُلزم هذه المواد العامل بالتأكد من احترام الميزانية للقوانين والتوازن المالي وتسجيل النفقات الإجبارية.

وفي هذا الصدد، لم يكتفِ عامل تارودانت بالرفض، بل طلب، استناداً إلى مقتضيات المادة 182 من القانون التنظيمي، إعادة عرض مشروع الميزانية على المجلس الإقليمي. وأرفق طلبه بالتوجيهات الواضحة التالية:

الأخذ بالاعتبار الملاحظات المسجلة (أبرزها عدم إدراج سداد القرض).

مراعاة التوجيهات الواردة في دورية وزير الداخلية عدد 14066 بتاريخ 06 أكتوبر 2025، والتي تتعلق بإعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2026.

 المهلة القانونية وتجنب المادة 195
يضع هذا القرار المجلس الإقليمي لتارودانت أمام سباق مع الزمن. فالمادة 191 (والمواد المرتبطة بها) تُلزم رئيس المجلس بتعديل الميزانية وعرضها على المجلس للتصويت عليها داخل أجل عشرة (10) أيام من تاريخ التوصل بأسباب الرفض، ويتعين عليه عرضها من جديد للتأشير عليها قبل فاتح يناير.

وإذا لم يأخذ المجلس الملاحظات بعين الاعتبار، تتدخل مقتضيات المادة 195، والتي تتيح للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وضع ميزانية التسيير للجماعة على أساس آخر ميزانية مؤشر عليها.

ويُظهر هذا التفعيل الصارم للقانون من قبل عامل الإقليم جدية السلطات المحلية في ضمان سلامة الوضع المالي للجماعات، خاصة في ظل التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة، التي تتطلب استقراراً مالياً وإدارياً للإسهام في تعزيز المشاركة ورفع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع.

العيون تترقب الآن ما سيسفر عنه اجتماع المجلس الإقليمي لتارودانت وتصحيحه للميزانية لضمان انطلاق سنة 2026 بوضع مالي سليم ومتوازن.

الأخبار ذات الصلة

المزيد من الأخبار جار التحميل...لا يوجد المزيد من الأخبار

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *