شهد مدخل مدينة تزنيت، نهاية الأسبوع، حادث انقلاب شاحنة محملة بالرمال. ورغم أن الحادث بدا في ظاهره عاديا، إلا أن التحريات الأمنية التي أعقبته قادت إلى كشف معطيات صادمة حول نشاط غير قانوني واسع النطاق، يهم نهب رمال واد سوس دون ترخيص، في ظل ما يشبه التواطؤ أو الصمت الرسمي المريب.
وبحسب مصادر موثوقة، فقد باشرت مصالح الدرك الملكي تحقيقا فور وقوع الحادث، ليتبين أن الشاحنة المنقلبة كانت تحمل حمولة من الرمال المستخرجة من ضفاف واد سوس، دون أي ترخيص قانوني، وفي خرق سافر لمقتضيات القانون 36.15 المتعلق بالماء، خاصة ما يتصل باستغلال الملك العمومي المائي دون إذن مسبق من وكالة الحوض المائي لجهة سوس ماسة.
المعطيات الأولية كشفت أن صاحب المقاولة المعنية لا يتوفر لا على ترخيص باستخراج الرمال ولا على ترخيص بيعها، ورغم ذلك تستخرج يوميا عشرات الشاحنات الكبرى محملة برمال واد الوادي، دون أن يسجل أي تدخل من من أية جهة منذ أزيد من عشر سنوات. ويقدر ثمن بيع حمولة كل شاحنة ما بين 3000 و4000 درهم، ما يعني أن الشبكة تحقق أرباحا خيالية بشكل يومي، مستغلة غياب الرقابة وضعف تفعيل القوانين البيئية.
ولا يتعلق الأمر بحالة معزولة، بل بشبكة نشطة تشرف عليها مقاولة معروفة في المنطقة تشتغل في مجال التشجير وتتوفر على مستنبتات على ضفاف واد سوس، سبق أن وقعت اتفاقية شراكة مع جماعة أيت ملول، غير أن الاتفاقية انتهت منذ سنوات، دون أن يتم تجديدها أو مراقبة مضامينها، لتتحول من إطار شبه قانوني مؤقت إلى غطاء دائم للاستغلال غير المشروع لرمال واد سوس، دون وجه حق.
ورغم خطورة هذه الوقائع، لم تبادر أية جهة بأي تحرك، كما لم تتدخل الشرطة الإدارية لجماعة أيت ملول، مما يثير سؤالا محوريا: هل نحن أمام حالة تقاعس إداري ممنهج، أم أن الأمر أعمق ويتعلق بـتواطؤ صامت يوفر الغطاء لهذه الأنشطة طيلة عقد من الزمن؟
وبناء على التحقيقات الجارية، جرى التنسيق مع النيابة العامة، حيث اعتبرت القضية جنحة تتعلق بسرقة مواد من مقلع غير مرخص. وقد تم وضع صاحب المقاولة تحت تدابير الحراسة النظرية، قبل أن يعرض على أنظار النيابة العامة، التي قررت متابعته في حالة سراح، في انتظار استكمال مسار البحث القضائي.
غير أن مصادر حقوقية مطلعة كشفت عن وجود ضغوط قوية تمارس خلف الكواليس لحصر الملف في نطاق سائق الشاحنة فقط، دون المس برؤوس الشبكة، أو من يعتقد أنهم وفروا لها الحماية لسنوات.
وفي تطور لافت، علمت الجريدة أن اجتماعا طارئا انعقد يوم الجمعة الماضي بمقر عمالة إنزكان أيت ملول، بحضور ممثلين عن وكالة الحوض المائي، بهدف إلى إيجاد حل ، وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام حول طبيعة هذا الاجتماع، وهل كان منصبا على تسوية وضع غير قانوني وخروقات جسيمة مستمرة منذ سنوات؟
ويعيد هذا الملف تسليط الضوء، من جديد، على أزمة الحكامة البيئية بوادي سوس، ومدى احترام المؤسسات العمومية لمبدأ حماية الملك العمومي المائي، في وجه تمدد اقتصاد الريع، وتغول “مقاولات الامتيازات”، التي تستنزف الموارد تحت مظلة الصمت، أو الرضى، أو الحماية.
تزنيت:انقلاب شاحنة يفضح شبكة لتهريب رمال واد سوس








