في خضم صراع سياسي محتدم بجهة سوس ماسة، يبرز ملف أراضي سيدي بيبي وآيت عميرة ليضع نفسه في صلب النقاش، متنقلاً من ساحات الترافع الحقوقي إلى أروقة العمل السياسي.
أمس السبت، شهد المؤتمر الجهوي لحزب العدالة والتنمية بمدينة أكادير تحركاً لافتاً من جمعية أكال للدفاع عن أراضي الأجداد، التي التقت الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، لتسليط الضوء على “الاختلالات التدبيرية” في هذا الملف الحيوي.
من الترافع العقاري إلى معترك السياسة
جاء لقاء جمعية أكال ببنكيران في سياق سياسي دقيق، حيث يسعى حزب العدالة والتنمية، بعد “نكسة الانتخابات الأخيرة”، إلى استعادة المبادرة وتأهيل صفوفه. قدمت الجمعية لبنكيران معطيات مفصلة حول ملف الأراضي، مطالبة بتوضيح مصير ورش التمليك الذي وعدت به الحكومة سابقاً، والذي يهدف إلى إنهاء الحيف التاريخي عن ذوي الحقوق وفتح آفاق تنموية أمام ساكنة هذه الجماعات.
المؤتمر الجهوي، الذي حمل شعار “استعادة المبادرة”، لم يكن مجرد محطة تنظيمية، بل كان منصة لطرح الرهانات السياسية والتنظيمية للحزب. وتبرز في الأفق معركة سياسية تلوح في الأفق مع اقتراب استحقاقات 2026، حيث يراهن “البيجيدي” على تفنيد خطاب حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود حالياً مجلس جماعة أكادير برئاسة عزيز أخنوش.
صراع على المشاريع وتصريحات مثيرة
يشكل الجدل حول المشاريع الملكية الكبرى المنجزة في أكادير محوراً أساسياً في هذا الصراع. ويرى العدالة والتنمية أن حزب الأحرار “يركب” على هذه المشاريع دون مساهمة حقيقية منه، مستنداً إلى وثائق التهيئة الحضرية التي تؤكد أن إعدادها تم في عهد المجلس السابق بقيادة “البيجيدي”.
وفي تصريح مثير خلال المؤتمر، قال عبد الإله بنكيران: “السواسة طلعوا اقتصادياً بالتجارة. وقالها صديق ريفي: كون كانوا المغاربة كلهم سواسة، كون ولّينا بحال اليابان”. هذا التصريح، الذي قُرئ من البعض كمحاولة تصالحية مع الساكنة السوسية بعد انتقادات سابقة طالته، اعتبره آخرون مجرد “عفوية بنكيرانية” معتادة.
ملف الأراضي: انتظار وترافع لحماية السلم الاجتماعي
على الرغم من التجاذبات السياسية، يبقى ملف الأراضي في قلب الترافع والانتظار. شددت جمعية أكال على أن التراخي في ورش التمليك يثير قلق آلاف الأسر في سيدي بيبي وآيت عميرة، خاصة في ظل ما تصفه بـ”الاستغلال الفاحش” للأراضي من قبل لوبيات العقار والرأسمال الفلاحي. وطالبت الجمعية حزب العدالة والتنمية، كونه قاد الحكومة التي أطلقت هذا الورش، بضرورة الضغط لتسريع تنزيل الإصلاح وإنصاف المتضررين وحماية السلم الاجتماعي في المنطقة.
مع هذا التراكم السياسي والتنموي والاجتماعي، يبدو أن جهة سوس ماسة، خاصة أكادير وسهول اشتوكة، تتجه نحو صيف سياسي ساخن. وبين رهانات العدالة والتنمية على استعادة الصدارة، ومساعي الأحرار للحفاظ على مواقعهم، يبقى المواطن السوسي – وخاصة ذوو الحقوق والفئات المهمشة – هو الرهان الحقيقي لأي مشروع سياسي يرفع شعار التنمية والعدالة الاجتماعية.