بيوكرى: أزمة نقل تنتظر الحلول الجذرية

تعيش مدينة بيوكرى، الواقعة في قلب إقليم اشتوكة آيت باها، على وقع أزمة نقل خانقة تُفاقم عزلة سكانها وتزيد من معاناتهم اليومية، خاصة فئة الطلاب والعمال. لم تعد هذه الأزمة مجرد مشكلة تقنية عابرة، بل تحولت إلى قضية اجتماعية وسياسية مُلحة تتطلب تدخلاً استراتيجيًا وهيكليًا عاجلاً. في خضم هذا التحدي، تُعلّق آمال عريضة على العامل الجديد للإقليم، السيد محمد سالم الصبتي، ليقود دفة التغيير نحو حلول مستدامة.

جذور الأزمة ومظاهرها: تشابك قانوني ومجالي
تُعكس أزمة النقل في بيوكرى تداخلاً معقدًا بين بنية قانونية مهترئة وخيارات مجالية غير منصفة، مما يفرض واقعًا مريرًا على مستخدمي النقل:

التعريفة المجحفة: على الرغم من تحديد التسعيرة الرسمية لخط بيوكرى–أكادير بـ 13 درهمًا، يرفض العديد من السائقين الالتزام بها، مُعتبرين أن هذا الخط غير مربح مقارنة بمحطات أقصر مثل إنزكان–أكادير، مما يدفع الركاب لدفع مبالغ أعلى.

الربط غير المباشر: يغيب الخط الحضري المباشر بين بيوكرى وأكادير، ما يضطر السكان إلى اللجوء إلى إنزكان كنقطة عبور، وهو حل مرهق وغير عملي يُضيّع الوقت والجهد.

تعقيدات القانون: يُمنع على سيارات الأجرة نقل الركاب داخل المجال الحضري إلا بعد تجاوز ثلاثة كيلومترات، مما يخلق حالة من “التحايل القانوني” تضر بمصلحة المواطن الذي يجد نفسه مضطرًا للسير مسافات طويلة للوصول إلى نقطة الانطلاق القانونية.

امتداد المعاناة خارج بيوكرى
ليست بيوكرى وحدها المتأثرة بهذه الأزمة؛ فالعديد من الجماعات القروية المجاورة مثل الصفاء، آيت ميلك، سيدي بوسحاب، وإمي مقورن، تعاني أيضًا. يزيد ضعف الربط من عزلة هذه المناطق عن مراكز النشاط الاقتصادي والإداري، مما يعيق التنمية المحلية ويحد من فرص السكان.

تحركات واعدة: بصيص أمل بفضل العامل الصبتي
وسط هذا الوضع المعقد، ظهرت مؤشرات إيجابية تعكس بداية تحول في معالجة هذا الملف، وهي مؤشرات تُعزّز الآمال المعلقة على القيادة الجديدة في الإقليم:

مقاربة تشاركية من العامل: بادر العامل الجديد، محمد سالم الصبتي، إلى فتح قنوات الحوار مع المهنيين، في خطوة تعكس مقاربة تشاركية واعدة تهدف إلى إشراك جميع الأطراف في إيجاد الحلول، مما يُعد مؤشرًا قويًا على جديته في معالجة الملف.

طلب رسمي لخط حضري: قدم رئيس جماعة بيوكرى طلبًا رسميًا لإحداث خط حضري يربط المدينة بكلية أزرو عبر طريق المطار، ما سيعزز الربط الجامعي ويقلل من هدر الوقت للطلاب.

توسعة الشبكة من مجموعة الجماعات: شرعت مجموعة الجماعات في إدراج خطوط جديدة ضمن برنامج توسعة الشبكة، تشمل مسارات نحو آيت باها، آيت ميلك، والقليعة، مما يدل على رؤية أوسع لتحسين الربط الجهوي.

الحل المنشود: بين التدبير والتخطيط الشامل
على الرغم من أهمية هذه المبادرات، يبقى الحل الحقيقي مرهونًا بإعادة هيكلة المنظومة القانونية للنقل، وتعزيز دور الجهة في التخطيط المجالي، وتبني سياسة نقل عمومي عادلة ومستدامة. قد يكون مدخل ذلك:

إعادة النظر في التعريفة: بما يضمن التوازن بين مصلحة السائق والراكب، ويوفر بيئة عمل عادلة للمهنيين وخدمة بأسعار معقولة للمواطنين.

توفير أسطول نقل حضري: يخدم التجمعات السكنية والجامعية بشكل فعال، ويستجيب للحاجيات المتزايدة للسكان.

إدماج الجماعات المجاورة: في رؤية موحدة للنقل، تعكس روح الانتماء الجهوي وتسعى لتحقيق العدالة المجالية.

إن أزمة النقل في بيوكرى قد تكون مرآة تعكس اختلالات أكبر في التخطيط الترابي والتدبير القطاعي، لكنها في الوقت نفسه تمثل فرصة فريدة لبناء نموذج تشاركي مستدام، يعيد الاعتبار لمناطق مهمشة ويحقق العدالة المجالية. إن الأنظار تتجه اليوم نحو العامل محمد سالم الصبتي، ليقود هذا التحول ويُحوّل هذه الأزمة إلى قصة نجاح تُسجّل في تاريخ الإقليم.

الأخبار ذات الصلة

المزيد من الأخبار جار التحميل...لا يوجد المزيد من الأخبار

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *