تزنيت – عبد الله اخراز
تعيش مدينة تيزنيت، كما العديد من المدن المغربية، وضعا مقلقا نتيجة تضارب المسؤوليات بين الأجهزة الأمنية والوقائية في التعامل مع الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات الخلل أو الاضطراب العقلي، خاصة أولئك الذين يشكلون خطرا على أنفسهم وعلى الآخرين.
ورغم أن المشرع المغربي قد وضع إطارا قانونيا واضحا من خلال الظهير الشريف رقم 1-58-295 الصادر بتاريخ 10 أبريل 1959، الذي ينص على مسؤولية السلطات المحلية في مباشرة الوضع تحت المراقبة الطبية داخل مؤسسات الأمراض العقلية، إلا أن الواقع العملي يكشف عن اختلالات وإكراهات عميقة في التطبيق، ومن بين الأسئلة التي تطرح نفسها :
هل السلطات المحلية كافية لتنفيذ المتداول من مضامين الظهير الشريف المذكور ؟ وهل تتوفر على جميع الوسائل التقنية واللوجيستيكية للتدخل في حالة الخطر؟ أليس هناك مسؤوليات للأجهزة الأمنية والوقائية الأخرى؟
فالمسؤولية المشتركة في الحفاظ على الأمن العام، يفترض أن تتقاسمها مختلف الأجهزة الأمنية والوقائية، بل في الحال تتحول في الممارسة إلى تبادل للاتهامات وتملص من الواجب، حيث يربط كل جهاز تدخله بضرورة حضور الجهاز الآخر، مما يؤدي إلى تأخير خطير في التعامل مع الحالات المستعجلة.
هذا التراخي لا يكسر إلا بعد وقوع حادث مأساوي أو جريمة، مما يطرح سؤالا مؤلما: هل يجب أن يرتكب المختل العقلي جريمة شنيعة لكي تتدخل الجهات الأمنية الاخرى؟
في مدينة تيزنيت، تعاني الساكنة من بطء وتعقيد المساطر الإدارية المرتبطة بإيقاف الأشخاص المختلين عقليا، خصوصا العنيفين منهم، الذين يهددون سلامة أفراد أسرهم والمارة.
وتكمن المعاناة في غياب التدخل الفوري، وتنازع الصلاحيات بين الجهات المعنية، مما يخلق فراغا أمنيا خطيرا ويزيد من الضغط النفسي والمعنوي على الأسر المتضررة.
إن هذا الوضع يستدعي تدخلا عاجلا من السلطات الإقليمية والنيابة العامة لتوضيح مسؤوليات كل جهاز على حدة، وتحديد آليات التنسيق والتدخل الفوري، خاصة في ظل الارتفاع المقلق لظواهر الاعتداء من طرف أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية.
كما يجب تحميل المسؤولية القانونية والإدارية لكل جهة ثبت تقاعسها عن أداء واجبها، ووضع حد للتلاعبات التي تعرقل حماية الساكنة وتزيد من معاناتها.
إن حماية الأمن العام لا يجب أن تكون رهينة بمساطر بيروقراطية أو حسابات غير مهنية، بل مسؤولية جماعية تتطلب الحزم، التنسيق، والوضوح في المهام، بما يضمن كرامة المواطن وسلامته النفسية والجسدية.