شهدت مدينة أكادير، اليوم السبت 22 نونبر 2025، حدثاً مهنياً بارزاً تمثل في ميلاد الجمعية المغربية لمالكي محطات الوقود (AMPS)، كإطار وطني مستقل يجمع ملاك المحطات عبر مختلف جهات المملكة، ويهدف إلى تمثيلهم والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم داخل سوق يعرف تحولات متسارعة وتحديات متزايدة.
يأتي تأسيس هذه الجمعية في سياق مهني واقتصادي حساس، خصوصاً بعد تحرير سوق المحروقات سنة 2015، الذي أفرز واقعاً جديداً في العلاقة التعاقدية بين شركات التوزيع ومالكي المحطات المستقلة. هذا التحول رافقته، وفق المهنيين، ممارسات تعاقدية غير متوازنة وأشكال من المنافسة غير المشروعة، أثرت على الاستقرار الاقتصادي للمستثمرين الصغار والمتوسطين، وأخلّت بمبدأ الإنصاف في سوق الخدمات الطاقية.
وتستند الجمعية في رؤيتها إلى روح الدستور المغربي، خصوصاً الفصل 166 الذي يمنح مجلس المنافسة صلاحيات واسعة لضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، إضافة إلى أحكام القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، كما تم تعديله بالقانون 40.21. وانطلاقاً من هذا الإطار، تهدف الجمعية إلى المساهمة في تعزيز المنافسة الحرة والنزيهة، وصيانة الحقوق الاقتصادية لمالكي المحطات، وتكريس العدالة التعاقدية مع شركات التوزيع.
أهداف واضحة ورؤية إصلاحية
تضع الجمعية المغربية لمالكي محطات الوقود نصب أعينها مجموعة من المهام الاستراتيجية، أبرزها:
الدفاع عن المصالح المشروعة لمالكي المحطات ضد أي ممارسة احتكارية أو منافسة غير مشروعة.
مواجهة العقود الإذعانية التي تلزم بها بعض الشركات المحطّتين بشروط قد توصف بالمجحفة أو المقيدة للحرية الاقتصادية.
تعزيز مبدأ التكافؤ التعاقدي في العلاقة بين شركات التوزيع والمستثمرين.
تمثيل المنخرطين أمام السلطات العمومية، مجلس المنافسة، الوزارة الوصية، والهيئات المنتخبة.
تطوير الإطار القانوني والتنظيمي للقطاع من خلال مذكرات واقتراحات مهنية.
دعم التكوين والتأهيل في مجال تدبير محطات الوقود وتحسين جودة الخدمات والسلامة.
كما ستعمل الجمعية—وفق ما جاء في بيانها التأسيسي—على بناء شراكات مع السلطات العمومية والهيئات المهنية لضمان تطور مستدام للقطاع الطاقي، بما ينسجم مع أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
انتخاب المكتب الوطني وتحديد الأولويات
شهد الجمع العام انتخاب المكتب الوطني للجمعية، حيث جرى اختيار:
خالد الشناق رئيساً
ميلود أيت علال كاتباً عاماً
الحسين بوزاحي أميناً للمال
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الجمعية، السيد خالد الشناق، أن تأسيس الإطار الجديد ليس عملاً تنظيمياً عادياً، بل “تكليف قبل أن يكون تشريفاً”، مبرزاً أن قطاع المحروقات يعيش منذ تحريره “اختلالات واضحة” في ميزان القوة بين شركات التوزيع ومالكي المحطات. وأوضح أن هناك هوامش ربح ثابتة منذ سنوات، إضافة إلى شروط تعاقدية غير منصفة، ما يستدعي عملاً جماعياً منسقاً لاستعادة التوازن في السلسلة الطاقية.
وشدد الشناق على أن المكتب المنتخب سيشرع فوراً في عقد لقاءات رسمية مع مجلس المنافسة ووزارة الانتقال الطاقي، من أجل طرح الملفات المستعجلة والدفاع عن المصالح المهنية للملاك، مؤكداً أن الجمعية ستتبنى خطاباً مسؤولاً وعملياً، يستند على القانون ويهدف إلى خدمة الصالح العام.
نحو خارطة طريق جديدة لقطاع حيوي
يمثل تأسيس الجمعية المغربية لمالكي محطات الوقود محطة مهمة في تاريخ القطاع، إذ يفتح الباب أمام إعادة تنظيم العلاقة بين مختلف المتدخلين، على قاعدة الشفافية، التوازن، المواطنة الاقتصادية واحترام قواعد المنافسة.
وفي ظل التحديات التي يشهدها سوق المحروقات، يُتوقع أن يشكل هذا الإطار المهني الجديد رافعة للدفاع عن المصلحة المشتركة، وتطوير جودة الخدمات، وضمان استقرار الاستثمار داخل واحد من أهم القطاعات الحيوية المرتبطة بالاقتصاد الوطني والتنقل والخدمات اللوجستية.
وتبقى الأنظار متوجهة نحو الخطوات الأولى للجمعية، وما ستتمكن من تحقيقه في مسار طويل يتطلب الكثير من الحكمة، القوة التفاوضية، والعمل الجماعي المسؤول.











